مجال الفكاهة والهِجاء
זירה 4 - הומור וסאטירה
مجال الفكاهة والهِجاء
ترجمة : سامرة مرعي زيّاد
مراجعة : اباء خطيب نصّار
التدقيق اللغوي : الأستاذ عيد نعامنةتكثر المضامين الساخرة والفكاهية في كل وسائل الإعلام ، اذ تحظى هذه البرامج على نسبة مشاهدة عالية ، مثل برنامج "ארץ נהדרת"، المواقع ، الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على الشبكات الاجتماعية ، هي مضامين مألوفة ومعروفة لكل مواطن .
هذا المجال يتأمل النصوص الفكاهية والساخرة من الداخل ومن الخارج . من الداخل : ما الذي يجعلها فكاهية ؟ ، ومن الخارج : مكانة السخرية في الحيّز العام الديمقراطي .
في هذا المجال سنشدّد على الدور الهام للسخرية كوسيلة لتمرير النقد تجاه السلطة والمؤسسات ، وغالبا ما يتم تقبّل هذا النقد بصورة ايجابية بسبب استعمال الفكاهة.
المصطلحات الأساسية
الهِجَاء (السخرية) -
هي جانر الّذي يقدم للجمهور نقدا مغلفا بالفكاهة. نتحدث عن تقنية فنية والّتي تسخر وتستهزئ من شيء ما (إنسان، عقيدة، فكرة، مجموعة)، بهدف القيام بنشاط اجتماعي أو بإحداث تغيير أو منعه. الهِجَاء (السخرية) هي وسيلة تُستعمل للنقد ، والّتي تستخدم تقنيات مختلفة من الفكاهة : تقليد ، استهزاء ، مبالغة والخ..
السخرية كانت موجودة أيضا في اليونان القديمة وعلى مرّ التاريخ ، كما أنّها تواجدت في نصوص مختلفة : الأدب ، المسرح ، التلفاز ، السينما والخ.
المحاكاة الساخرة (Parody) -
هي مقطع تقلّد بشكل فكاهي عملًا أو نوع ابداعات من جانر ما . تتواجد المحاكاة الساخرة في مجالات فنية مختلفة ، مثل الأفلام ، الموسيقى ، التلفزيون والأدب وغير ذلك . احيانا ، يتم تقليد شخص ما في المحاكاة الساخرة بشكل فكاهي و كاريكاتوري ساخر .
التقليد:
التقليد هو الفعالية الأقدم والأسبق لدى البشر ، وهي الصفة التي تتقاسمها الحيوانات ايضا . يستخدم الأطفال أيضًا التقليد لتعلم الحركات والسلوكيات المختلفة في المجتمع والتحدث والنطق وما شابه ذلك . لكن التقليد على المسرح هو شكل من أشكال الترفيه . وبهذه الطريقة يعيد الفنان تصرف وسلوك شخص مشهور، حيوان وغيرهما ويحاول التشبه بهم قدر الإمكان . السبب في أن التقليد مضحك للغاية هو عدم الطبيعية التي نشهدها في تصرف شخص معين والذي ما يكون غالبا مبالغا فيه ومتطرفا وحتى مضحكًا من قبل شخص آخر - الفنان . الحقيقة هي أن الفنانين الذين يتقنون التقليد غالبًا ما يكونون فنانين محبوبين ومضحكين . وغالبا ، للقدرة على تقليد الماكياج واللباس المناسب أيضًا وعندها تصبح الشخصية مشابهه أكثر وأكثر ، بالرغم من كونها أكثر سخافة ومسلية.
من المهم التشديد على المكانة السياسية للهِجَاء ( السخرية ) . هنالك علاقة متينة بين الهِجَاء والثقافة الديمقراطية . المحتويات الفكاهية ترفّه المستقبلين- الذين يضحكون ويسخرون ، ولكن تكون بالنسبة للمُنتَقَد (الجهة التي ننتقدها) أقل متعة ، مثل السياسيين الذين يسخر منهم المضمون والجمهور.
السخرية تزيد من حرية التعبير، وأحيانا تتعدى الحد الأقصى المسموح به . هنالك أهميّة للطريقة (الفكاهة) الّتي تعبّر عن المضمون ، هنالك مضامين لن يتقبلها الجمهور إذا لم تكن بطريقة ساخرة.
تُعتبر السخرية أداة مركزية للتعبير عن النقد . في كثير من الأحيان نقد السلطة لا يحاز على الكثير من الجمهور : النقد أحيانا مركب جدا ، ومن الصعب فهمه ، وأحيانا ممل ويتطرق إلى التفاصيل وأحيانا لا يصل إليها بتاتا . من هنا تنبع مكانة الهِجَاء (السخرية) كمنصة أساسية للنقد بطريقة جذّابة وسهلة الوصول وممتعة .
نظريات أساسية في السخرية
نظرية التفوق
نظرية عدم الملاءمة
نظرية الاسترخاء
نظرية التفوق
يتطلع كل شخص أو مجموعة اجتماعية إلى الإحساس بالتفوق من خلال التقليل من شأن الآخر . يستمتع الافراد بالسخرية على تصرفات الأشخاص الاخرين ، جهلهم ونقاط ضعفهم . طريقة الفكاهة هذه تتطلب من المستهزئين أن يروا أنفسهم أفضل بكثير من ضحية النكتة .
نظرية الاسترخاء
تُستخدم الفكاهة كسيلة للتعبير عن الأفكار المختلف عليها ، الشائعة والحسّاسة ، والّتي لا يستطيع المجتمع تقبّلها بطريقة أخرى ( فقط عن طريق الفكاهة ) . تساعد الفكاهة في عرض أفكار بطريقة غير مباشرة أو «لغُز» ولذلك ، على سبيل المثال ، يمكن عرض مضمون جنسي بطريقة فكاهية في التلفاز، لكن لا يمكن تقبل مضمون مشابه بجانرات أخرى . بحسب هذه النظرية ، الوظيفة الأساسية للفكاهة هي تفريغ التوتر والطاقة . تستخدم الفكاهة كطريقة منطقية والشرعية للتعابير الشهوانية والعنيفة ، التي يمنعها المجتمع بظروف أخرى .
نظرية عدم الملاءمة
عدم الملاءمة بين صعيدين أو مجالين مختلفين يخلق الفكاهة ، هنالك من يدعي أنّ عدم الملاءمة هي أساس لكل نصّ فكاهي . تظهر الفكاهة عندما يكون هناك فكرتان ، مصطلحات ، أو حالات لا تتلاءم مع بعضها البعض ، أو متناقضة. هذه النظرية تتمركز حول شكل النص الفكاهي ، وأقل بمنتجي النص أو مستقبليه .
تعدد المعاني- (تعدد الدلالات)
تعدّد المعاني الموجودة في النّصّ . الفكرة هي أنّ للنص معانٍ كثيرة ، وليس فقط معنى واحد الذي قصدهٍ المرسل أو المعنى الذي يتلاءم مع الأيديولوجية السائدة . طوّر جون فيسك هذه الفكرة فيما يتعلق بالنص التلفزيوني . والإدعاء هو أنّ للنص التلفزيوني معانٍ عديدة لأنّه يحاول جذب أكبر عدد ممكن من الجماهير لتحقيق أعلى نسبة من الربح المادي . النقطة المركزية هي أن أشخاصا مختلفين - من أصول ثقافية مختلفة - يحلّلون النص بطرق مختلفة حسب الثقافة الثانوية الّتي ينتمون إليها. على سبيل المثال ، أشخاص ينتمون لمكانة اجتماعية معينة أو أصل عرقي يعرضون تفسيرًا مختلفًا للنص عن الأشخاص من مكانة اجتماعية ، أو أصول عرقية اخرى (وهكذا أيضا بالنسبة للجندر والوضع المادي ووجهة النظر الأيديولوجية وغيرها) .
هنالك عدة وسائل تصميم للنص التلفزيوني تجعله متعدّد الدلالات
الموازنة بين المميزات العنيفة والمميزات الخفيفة الترفيهية .
تنوع الآراء والمواقف .
تصميم الشخصيات : سطحية أو دائرية ، ضحايا او ابطال ، تثير السخرية أو التضامن .
الميم
إحدى الظواهر الشائعة في ثقافة الإنترنت الراهنة ، هي النّشر الواسع والسريع ، الّتي يقوم بها أناس عاديون للمضامين الإعلاميّة عموما ، والمضامين الفكاهيّة خصوصا . وتشتمل تلك المحتويات على الصور والأفلام القصيرة والمقاطع المكتوبة ، حيث تتنقل تلك المحتويات المتنوّعة واللانهائيّة يوميا بين مستخدمي الويب ، وكثيرا ما يتمّ ذلك دون مشاركة مؤسسات أو جهات إعلاميّة رسميّة ، ومع ذلك فإنّه لا يتمّ نشر جميع المحتويات بالطريقة نفسها . يُعتبر النّشر سريع الانتشار ، عندما يتمّ نشر محتوى ما بشكل سريع لدى عدد كبير من المستخدمين ، الذين ينتمون إلى وسائط تواصل اجتماعيّ مختلفة ، حيث يُنشر المحتوى سريع الانتشار (الفيروسيّ) ، مثل الكليب أو الصورة دون تغييرات ، والوظيفة الّتي يقوم بها المستخدمون ، هي النّقل فقط .
العلاقة بين المضامين الميميّة والمجتمعات التي تنتشر بها
الفكاهة سريعة الانتشار - الفكاهة الفيروسية
محتوى سريع الانتشار : يُعتبر النّشر سريع الانتشار ، عندما يُنشر مضمون ما بسرعة ، وبوقت قصير على عدد كبير من المستخدمين ، الّذين ينتمون إلى وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة . يُنشر المحتوى السريع الانتشار (كمقطع الكليب ، فيلم قصير ، أو الصورة) دون أي تغيير، والوظيفة الّتي يقوم بها المستخدمون هي النقل فقط.
الفكاهة سريعة الانتشار : محتوى فكاهيّ ، يُنقل في وسائط التواصل الاجتماعيّ للكثير من المستقبلين .
الفكاهة سريعة الانتشار - الفكاهة الفيروسية
وسائط التواصل الاجتماعيّ ، تمنح الامكانيّة لكل فرد ، أن ينقل المحتويات بسرعة ، وبانتشار واسع . ولذلك ظهر المصطلح (محتوى سريع الانتشار). من الجدير بالانتباه لتأثيرات المحتويات سريعة الانتشار، بسياقات مصطلحات إضافيّة مثل الفيك نيوز ، العنف في الويب ، وغيرها .
وفي المقابل يُعتبر النشر نشرا ميميا ، عندما تتضمّن عمليّة النشر إعادة كتابة المضمون ، أو إعادة إنتاجه من جديد ، حيث يضيف إليه المستخدمون الذين ينقلونه معاني أخرى من خلال التغيير، أو إضافة محتويات أخرى للمضمون ، ولكن مع المحافظة على الشكل العام ، كإضافة عبارة فكاهيّة إلى الصورة ، أو استبدال الصوت بفيلم قصير . وهكذا ينتج أنّ للمصدر الأساسيّ الواحد تشكيلة واسعة من الصيغ ، بعد أن أضاف المستخدمون إلى كلّ صيغة مقولات أو تعقيبات خاصّة بهم - فكاهيّة، ناقدة ، شخصيّة - ، وغير ذلك .
الصيغ الكثيرة والمتنوّعة للمحتويات المنشورة بشكل ميمي ، تعني أنّه لا يمكن اعتباره مضمونا وحيدا ، كما كان في الحالة سريعة الانتشار (الفيروسيّة) . وبدلا من ذلك فإنّ مثل هذه الميمات ، كمجموعة أو عائلة ، هي عبارة عن مجموعة من المحتويات التي تجمع بينها خصائص مشتركة ، ولكنها في الوقت ذاته تختلف عن بعضها البعض من خلال التغييرات الّتي أدخلها مستخدمو الشبكة على اختلافهم . مثلا ، يمكن إيجاد صورة وحيدة تحظى بتشكيلة واسعة من الكتابات والتعقيبات المسلية ، الّتي أضيفت إليها (انظر الملحق)، أو فيلم قصير يحظى بعدة تقليدات يتمّ فيها إعادة ما يحدث فيه بشكل ساخر ، ويقوم بذلك أناس من أنحاء العالم . ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أنّ الفرق بين ما هو ميميّ ، وما هو سريع الانتشار (فيروسيّ) ، ليس مطلقا ، وفي كثير من الحالات تبدأ عمليّة نشر المحتوى سريع الانتشار (فيروسيّ) يُنشر فيها المحتوى بين العديد من المستخدمين دون إدخال تغيير إليه ، وبعد ذلك فقط يبدأ بعض المستخدمين بإنتاج صيغ مختلفة لهذا المحتوى ، ودمج أفكارهم وآرائهم فيه ، الأمر الذي يضفي على المحتوى صبغة النشر الميمي أيضا.
مع أن مصطلح "الميم" يرتبط في أيامنا بشكل أساسي بالمحتويات المنشورة في الانترنت ، فإن أصله يعود الى كتاب عالم البيولوجيا ريتشارد دوكينز "الميم الأناني" الصادر عام 1976 ، ويقول دوكينز إن الميمات في المجال الثقافي توازي الجينات في المجال البيولوجي . وهي عبارة عن وحدات نشر الثقافة أو الفكرة ، تنتقل من شخص إلى آخر من خلال التقليد . والميم الواحد ، الذي قد يكون عبارة عن جملة ، أو زيّ ، أو معزوفة... وما شابه ذلك ، يستوعبه الشخص ، ثم يعبر عنه بطريقته الخاصة (حيث يدمج الجملة في حديثه ، أو يلبس الزي الذي يريد تقليده... الخ) وهكذا يكشف عن الميم أمام الآخرين الذين يواصلون عملية النشر. وتعتبر الميمات مُكرِّرة ولكنها تنشر المعلومات في عملية تصنيف واختيار . (هناك عدد هائل من الميمات التي تتنافس فيما بينها على جذب اهتمام الجمهور ، ولا يكرر الجمهور الواسع منها سوى تلك الأكثر ملاءمة لبيئته الاجتماعية ) . يتلقى الميم ، الذي بدأ كمصطلح نظري ، الحياة الجديدة مع ارتفاع شعبية الإنترنت ونشوء ثقافة إنتاج المضامين والمشاركة فيها ، عن طريق المستخدمين العاديين . يتطلب هذا النشوء تعريفا أكثر تحديدا للمصطلح ، بموجب التعريف الذي طرحته مؤخرا ليمور شيفمان ، فان ميمات الإنترنت هي عبارة عن مجموعة من التفاصيل ذات الخصائص المشتركة (الفحوى، الشكل والمكانة) ، التي تولدت من خلال الوعي لبعضها البعض ونشرها كثيرون من المستخدمين في الإنترنت في عدد من الصيغ والإضافات المختلفة.
تشتمل ميمات الإنترنت في كثير من الأحيان على مضامين فكاهية وخفيفة وصور وأفلام قصيرة أو تعابير تحظى بالنشر والتقليد . ومع ذلك فإن هناك ميمات تمتاز بالجدية أيضا ، كحملة It Gets Better التي طرح خلالها كثيرون من المستخدمين كليبات تبيّن قصة حياتهم بهدف مساعدة أبناء الشبيبة المثليين والشواذ جنسيا في الولايات المتحدة الأميركية الذين يتعرضون لأعمال زعرنة واعتداءات في مدارسهم. يمكن تعريف الحملة كميم إنترنت لأنها تتألف من وحدات كثيرة تولدت من منطلق الوعي لبعضها البعض وتمتاز بأوجه تشابه في الشكل والمحتوى.
ميمات الإنترنت، إلى جانب المحتوى سريع الانتشار، تصاحب النشاط اليوميّ الذي يقوم به الكثيرون من مستخدمي الإنترنت ، سواء من خلال مشاهدة التفاصيل الميميّة بصيغ مختلفة ، أو إنتاج صيغ خاصة بهم. ولذلك يمكن تعلّم الكثير من خلال هذه المضامين حول الأنشطة الثقافيّة والاجتماعيّة الّتي تحدث في الويب. حتّى وإن بدت لنا المحتويات الفكاهية والجو الكوميدي ضربا من الهراء ، فإنّها تمثل نظاما مركبا من التفاعل والنشاط المشترك الذي يقوم به جمهور متنوع في أنحاء العالم.